الجمعة, 29-مارس 2024- الساعة 12:05 ص - آخر تحديث: 09:47 م (18:47) بتوقيت غرينيتش

محمد سالم بارمادة

مأرب ترفض الجاهلية الأولى

محمد سالم بارمادة

سيبقى اليمن بعمقه العربي

محمد سالم بارمادة

أتعرفون ماذا تعني المواطنة ؟

ياسين سعيد نعمان

وطن النجوم.. وجورج قرداحي
عشوائية وإدارة جديدة عاجزة عن ترتيبها السكن الجامعي بصنعاء.. تستوطنه الفوضى..!!

بعد عقدٍ من تأسيس جامعة “صنعاء” (القديمة), استحدثت كليات جديدة في الجامعة الجديدة, وعلى إثر ذلك تم بناء سكن خشبي في بداية الثمانينيات, خاص بالعمال الذين كانوا يعملون في تشييد كليات الجامعة الجديدة, ويتكوّن ذاك السكن من 4 مبانٍ كل واحد منهم يحتوي على 3 طوابق, وقد تحوّل بعد عامين من سكن عمالي إلى طلابي لكلية التربية - يتبع وزارة التربية والتعليم - ثم إلى سكن لكل الكليات بعد عام 90م, ويبلغ عدد الغرف نحو 300 غرفة, موزّعة ما بين 286 غرفة صغيرة مخصّصة للطلاب, وأخرى كبيرة كمخازن لأثاث السكن واحتياجاته, ولموظفي إدارته، وكذلك كمصليات للطلاب, ويوجد في كل طابق من كل مبنى دورة مياه كبيرة, وتبلغ السعة الإجمالية لاستيعاب السكن من الطلاب بنحو 660 بمعدل 2 في كل غرفة..
وأما اليوم بعد عقود من إنشاء السكن, مازال باقياً رغم أن عمره الافتراضي 10 سنوات, وعندما تنظر إليه من الوهلة الأولى من الخارج, تظن أنه مركز أو سكن خاص بالأجانب, نظراً لشكل تصميمه البديع, ناهيك عن الأشجار المحيطة به والتي زادته جمالاً, لكن عندما تتقصّاه من الداخل, وترى وضعه المزري, ومن فيه بشكل عام, فإنك تشعر كما لو كنت في خرابة أو في دار أشباح, نتيجة للإهمال الذي طاله وطال طلابه وحتى إدارته.. التحقيق التالي يغوص في أوجاع ذلك السكن العتيق.
«خرابة» منهوبة
في بداية 2013م وجّه أمين العاصمة, الأخ عبدالقادر على هلال, بترميم السكن الطلابي بدعم خاص من أمانة العاصمة؛ نظراً لما كان يعانيه من إهمال, زاد في ذلك عمره الذي تجاوز الثلاثة عقود, ما أدى بذلك إلى أيلانه للسقوط, لكن الترميم الذي من المفترض أن يكتمل قبل عام من الآن, لم يبدأ من أساس السكن وجذوره, وإنما كان سطحياً متمثلاً في طلاء جدرانه وأبوابه, وصيانة شبكات المياه والكهرباء وتغيير أثاثه الأرضي, وبلغت الميزانية المعتمدة لترميم السكن 63 مليون ريال - بحسب أمانة العاصمة -, وهذا مبلغ باعتقادي كان كافياً لبناء سكن جديد, طالما الأرض موجودة داخل الجامعة, لكن بصرف النظر عن ذلك, لم يتم ترميم سوى مبنى واحد فقط من الأربعة, بالإضافة إلى القيام بتسويره.
 بحسب إدارة المشاريع في جامعة صنعاء, فإن مقاول السكن لم يتسلّم بقية مستحقاته من أمانة العاصمة, المخصصة لاستكمال الترميم, والسبب كما - يشيرون - يرجع إلى تردّي الأوضاع الأمنية التي ولّدت أزمة مالية في البلاد، ومع أن إدارة المشاريع في “جامعة صنعاء” جهة إشرافية ورقابية على عملية الترميم, إلا أنها تزعم أن ليس لها أية صلة بالترميم ولا بالسكن, كون اتفاق الترميم تم بين الأمانة والمقاول دون تدخل أحد بالعمل، من جهتنا كنا قد تواصلنا مع مقاول الترميم. عبد الله البصل - والذي تجاوب معنا عبر الهاتف - قائلاً - إنه قام بعملية الترميم بالمبلغ الذي تحصّله من أمانة العاصمة, وأنه مستعد لاستكمال عمله حال وفاء الجهات المالية بصرف مستخلصاته.
ويقول الواقع أن المباني الثلاثة الأخرى, رمّمت بشكل جزئي، إذ فلم يطرأ عليها سوى الطلاء الداخلي بالدهان فقط, وهي الآن بدون أثاث وفراش أرضي, وحالها كحال المخلّع ملابسه, كما أن الجامع والمطبخ والمكتبة الذين طالبت بهم إدارة السكن لم يتم إنشاؤها, هذا بالإضافة إلى أن أبواب غرف السكن خشبية رديئة قابلة للكسر بسهولة, ولن أخفي عليكم أن السكن ذو سمعة سيئة بانتشار السرقة فيه, فعلى الأقل في كل أسبوع خاصة وقت صلاة الجمعة, تُكسر غرفة ويُسرق منها جهاز حاسوب (محمول) من قبل مجهولين, وهذا الأمر يستدعي تغيير أبواب الغرف الحالية ذات المغالق الخارجية, بأبواب سميكة ذات مغالق جوفية.
مكب نفايات
النظافة سلوك حضاري وجميل يجسّد الاحترام ويفرض الحب لحامليه, وهذا ما تسعى إليه إدارة السكن الحالية جاهدة أن تصنع من السكن صورة إيجابية تعكس واقع الطالب الجامعي, من خلال تخصيصها لعمال يتولون تنظيف السكن باستمرار, لكن من المؤسف حقاً أن ترى طلاباً جامعيين لا يكترثون لنظافة بيئتهم.
- أقدم شخص في السكن, العم. عبد الله العماد - كما ينادى -, وهو مسؤول النظافة والخدمات الأساسية - يقول - لـ «الجمهورية»: إنه في كل يوم يتم تنظيف حديقة السكن, وسرعان ما تمتلئ هنا وهناك بالنفايات والمخلفات, وأردف قائلاً: “تتحول دورة المياه المخصصة للطلاب في المباني الأربعة بعد يومين فقط من تنظيفها؛ إلى بيارة مفتوحة, تنبعث منها الرائحة الكريهة, ويصل الحال إلى انسداد الحمامات بالكامل, في حال إذا انقطعت المياه, تصبح غير قابلة للاستخدام, وترى مع ذلك بعض الطلاب يُقبلون على استخدامها, ناهيك عن سوء استخدامهم لمفاتيح المياه, التي تتغير باستمرار بسبب خرطها أو كسرها”.
- الساكن. محمد الرزاف - من طلاب كلية الشريعة, - يعبر - لـ “الجمهورية” قائلاً: إنه يشعر بالاشمئزاز من سلوكيات بعض الطلبة, التي تتجسد في البصق على جدران السكن, والإسراف المفرط في المياه إثر تركهم حنفيات المياه مفتوحة بعد القيام بقضاء حاجاتهم, ويوضح متبرئاً أن تلك التصرفات, لا تعبّر إلا عن صاحبيها, مناشداً إدارة السكن بوضع لوائح وقوانين متمثلة في إنذار الطلاب المهملين- على حد وصفه - بالفصل ومن ثم الطرد لمن يستحق ذلك, كما طالب إدارة السكن بوضع براميل صغيرة في كل أرجاء السكن من الخارج والداخل, علّها ترشد الطلاب إلى وضع قماماتهم فيها, للحد من انتشار البعوض والحشرات والديدان المخلّفة للأوبئة والأمراض المنتشرة في السكن.
مقطّع الشرايين
الماء هو الحياة بحد ذاتها, وفي السكن الجامعي تعد مشكلة انقطاع المياه المتكررة من أعقد المشاكل التي تواجه إدارة السكن والطلاب على حدٍ سواء, في هذا السياق كنا قد عدنا إلى العم عبد الله - مسؤول الخدمات الأساسية - والذي - أوضح - في قوله: إن سبب انقطاع المياه عن السكن يعود إلى أمرين، الأول: «انقطاع التيار الكهربائي المتواصل عن السكن كما هو الحال في بقية اليمن, حيث أن مضخة المياه من الخزان الأرضي إلى الخزانات العلوية في أسطح المباني, لا يمكن أن تشتغل دون كهرباء», والأمر الثاني: «إن انقطاع الكهرباء في محيط المكان الذي يوجد فيه البئر المغذي الوحيد للجامعة, يؤدي إلى عدم ضخ المياه إلى السكن من هناك» - وأردف موصياً - «حتى وإن تواجدت الكهرباء, لا تحتل المشكلة أحياناً, نظراً لأن ثمة مضخة واحدة قرب البئر تقوم بتوزيع المياه لكافة جامعة صنعاء, وهنا لا بد من توفر ثلاث مضخات على الأقل, كما يتعين على رئاسة الجامعة حفر بئرين آخرين على الأقل للمستقبل».
ويقوم العم. عبد الله, شخصياً بالمتابعة والحرص على عدم انقطاع الكهرباء أو المياه عن السكن, ويحظى بقبول كبير لدى الطلاب دون استثناء, وقد قام مؤخراً بربط خط كهرباء إضافي للسكن من كلية التجارة, ويسعى حالياً جاهداً إلى ربط الخط الثالث من كلية التربية, وفي هذا الصدد شتكى لـ «الجمهورية» الساكن. أحمد باكو - كلية المختبرات -, وهو مبتعث من جمهورية جزر القمر الشقيقة, حيث قال: إن الانطفاء المتكرّر للكهرباء, يزيد الطلاب معاناة داخل السكن, من ناحية تعسّر مذاكرتهم في الظلام, ومن ناحية أيضاً انقطاع المياه عن السكن, وناشد باكو نيابة رئاسة الجامعة لشؤون الطلاب, بسرعة توفير مولد للسكن مع ما يلزمه من مشتقات تشغيلية, كون الجامعة في أغلب الأحيان تنطفئ بالكامل, وبالتالي تنقطع الكهرباء عن كل الخطوط داخل الجامعة والسكن.
ثلاجة أحياء
من أطرف ما سمعت من طلاب السكن تعبيرهم القائل: «السكن أكبر ثلاجة مركزية للأحياء في اليمن», وذلك لأن درجة الحرارة فيه تصل إلى تحت الـصفر, وهذا ما استشعرته شخصياً لحظة دخولي هناك, أما عن سبب برودته الشديدة التي تصل إلى الصقيع, فذلك يعود إلى طبيعة مواد بنائه الشبيهة بتلك التي تستخدم في تشييد الهناجر, فهو - سكن زنكي -, متمثل بذلك في جدرانه الداخلية والأسطح, في حين تتكون ألواحه الخارجية من الفيبر, ويحتويان الفيبر والزنك بينهما مادة الإسفنج, ومن المعلوم أن المعدن بشكل عام يُضاعف درجات الحرارة ارتفاعاً أو انخفاضاً, ورغم أن السكن شبيه بتلك المباني الأوربية الخشبية, إلا أنه ليس كذلك كما يظنه الكثير, كون الخشب يحتفظ بالدفء, وهنا عبّر لـ “الجمهورية” الساكن. عبد الجليل الضبياني, قائلاً: «من شدة البرودة داخل السكن, زاد من مضاعفتها دخول الهواء إلى جوف السكن من أطراف الغرف والنوافذ, نظراً لأنه غير محكم الإطباق؛ فأنا عندما أستيقظ في الفجر لتأدية الصلاة وأثناء قيامي بالوضوء؛ ينزل الدم من أنفي متجلطاً, ويزيد من معاناتي وغيري من الساكنين؛ تلك المياه المتثلجة بدورة المياه, في حال إذا ما انطفأت الكهرباء وتوقف السخان»، وأوضح“إدارة السكن تصرف لكل ساكن بطانيتين صغيرتين لا تفيان بالغرض, في حين يحتاج الساكن إلى بطانية إضافية كحد أدنى, في أيام البرد».
ورداً على ذلك, كان مدير السكن الأستاذ. أحمد درهم قد أكد لـ “الجمهورية” أنه قد طالب في وقت سابق رئاسة الجامعة بصرف 1500 بطانية و100 دولاب وسرير, وكذلك ألف فرش ووسادة وملاية, موضحاً أن رئاسة الجامعة لم تستجب إلى حد الآن, وبدوره المختص الأستاذ. محسن المحبشي - أمين المخازن في السكن - ناشد - نيابة رئاسة الجامعة بسرعة صرف ما طلب منها, مراعاة لظروف الطلبة في أيام البرد, موضحاً أن البطانيات الحالية أصبحت قديمة وتالفة, فبعد أن تم غسلها مؤخراً, أُكتشف أنها لم تعد صالحة منها سوى النصف.. يُذكر أن البطانيات منذ ثلاثة أعوام لم تُغسل؛ إلى الآن بحسب طلاب السكن.
تغير الأحوال
تسكين مجاني وراتب شهري محفز, ومطبخ يمنح كل ساكن 3 وجبات يومية مجانية, وتوفر عيادة إسعاف أولية, وغير ذلك, هو ما يقدمه السكن الجامعي لطلابه, لكن ذلك كان قبل 25 عاماً عندما كانت تتكفل بدعمه دولة الكويت الشقيقة, أما اليوم فقد انقلب الواقع, إذ بات يدفع الساكن 7500 ريال سنوياً, مقابل حصوله على بطانيتين ومخدة وملاية وسرير في غرفة صغيرة يشترك فيها زميل آخر, وبحسب الطلاب فإنهم لا يحظون بغير ذلك من حقوقٍ وخدماتٍ أساسية, سوى تلك الأشياء البسيطة التي تقدمها العيادة الطبية (شبه الخاوية), ويأمل هنا المسؤول الطبي في العيادة, الطبيب. خالد علي مراد, من إدارة الخدمات الطبية بجامعة صنعاء: أن تقوم باعتماد مخصصات مالية تمكنهم من توفير مستلزمات عيادة متكاملة لاستقبال الحالات الطارئة, وسيارة إسعاف مع سائق لها, وكذلك اعتماد طبيب آخر علاوة عليه, بحيث يتناوبان على العمل في العيادة لـ 24 ساعة.
وكان السكن قد شهد قبل 5 أسابيع حالة وفاة لأحد الطلاب, إثر تعرّضه لنوبة قلبية, لم يتمكن الأطباء في مستشفى جامعة العلوم, من إنقاذه نظراً لوصوله متأخراً, بسبب عدم توفر سيارة تقله إلى المستشفى, إذ كان الوقت باكراً.. الجدير بالذكر هو أن موجة البرودة الشديدة في السكن, زادت من مضاعفة حالة المرحوم بحسب زميله الذي كان يشاطره الغرفة في السكن.
خلايا ميتة
العقل السليم في الجسم السليم, فكما للأنشطة الثقافية دور إيجابي للتحفيز على الدراسة وتنمية العقل, أيضاً للأنشطة الرياضية دور آخر في تنمية الجسم وتنشيط العقل, وهنا للأسف الشديد تلاشت الأنشطة الرياضية والثقافية التي كانت تقام في السكن قبل 3 أعوام, ولا يجد طلاب السكن حالياً ما يغطي أوقات فراغهم بعد الدراسة سوى مضغ القات.
 وعن سبب غياب الأنشطة يوضح الأستاذ. أحمد السنباني - مشرف في أحد المباني - في قوله: إن ذلك يعود إلى شحة الإمكانيات, واستطرد قائلاً: “يعاني السكن الجامعي من نقص حاد في موارده المالية التي لا تكاد تغطي رواتب موظفيه سنوياً, ولا يصل مقدار ما يتحصله السكن من منتسبيه سنوياً خمسة ملايين ريال, في حين إنه يحتاج من رئاسة الجامعة إلى أربعة أضعاف المبلغ, كي تغطي احتياجاته من صيانة للكهرباء وشبكة المياه وتوفير خط إنترنت وكافة الخدمات الأساسية, وكذلك صرف مستحقات الموظفين, ليتسنّى لهم بعد ذلك التفرغ لإقامة أنشطة رياضية وثقافية وغير ذلك, وأضاف السنباني معبّراً عن معاناته «إلى الآن ومنذ أكثر من عام لم نستلم مستحقاتنا من رئاسة الجامعة, وزاد من ذلك مسؤولية السكن التي تقع على عاتقنا, والتي تتطلّب تعاون الطلاب أولاً قبل رئاسة الجامعة ونيابتها, في تفعيل الجوانب الإيجابية.
في هذا المتناول - يرى الساكن. إبراهيم الشهاري - كلية العلوم - أن الأنشطة الرياضية والثقافية تنشط خلايا الذاكرة وتصقل الموهبة, وتُخرج جيلاً نظيفاً وواعياً, مطالباً بذلك نيابة رئاسة الجامعة, في إعادة النظر لتفعيل تلك الأنشطة, وتخصيص صالة رياضية, كون ذلك واجباً عليهم, وحقاً من حقوق السكن الطلابي, لمساواة سكنهم ببقية المساكن الطلابية الأخرى الحكومية أو الخاصة.
غرفة الحياة
الحصول على غرفة في السكن الجامعي يعد بمثابة حلم يراود الكثير من الطلاب الذين يأتون من خارج العاصمة للدراسة في جامعة صنعاء, والسبيل للحصول على غرفة هو الواسطة , أو أن يكون لدى الراغب في التسكين شخص مقرب له يسكن في إحدى الغرف, كي يدخله بديلاً عنه وقت تخرجه, لكن ذلك يتم بعد أن يدفع الطالب للقائمين على السكن مقابلاً مادياً, هكذا بدأ حديثه لـ “الجمهورية” الساكن. محمد حزام - كلية الشريعة - موضحاً - إن كل هذه التلاعبات جرت في عهد الإدارات السابقة, - ومؤكداً - بذات اللحظة إن الإدارة الحالية ممثلة بمديرها الجديد, والذي يحظى بقبول تام لدى طلاب السكن؛ تحاول قدر الإمكان تطبيق القانون على الجميع, - واستطرد - من جهة أخرى الساكن. فاضل الخياط - كلية الهندسة -, أن التسكين العشوائي ولد شلليات داخل السكن, أضحت صاحبة القرار الأول والأخير في التسكين وتوزيع الغرف بين الطلاب, بل وصل الأمر ببعضهم مؤخراً إلى الاحتجاج أمام الحمامات وإغلاقها عن البقية, في ظل ضعف الإدارة غير القادرة على التعامل معهم.
ويؤكد لـ “الجمهورية” أحد موظفي السكن, إن أبناء محافظة حجة يمثلون نسبة 80% من الساكنين فيما البقية يتوزّعون على المحافظات الأخرى, وتلك النسبة الساحقة جعلت من أصحابها لحمة واحدة تسقط وتصدر القرارات في السكن, لكنه أشار إلى أن إدارة السكن عازمة منذ اللحظة, على الحد من التسكين العشوائي, مقابل القرابة أو الواسطة, وأن التسكين سيتوزّع بين المحافظات بالتساوي بنسبة 5% كي يتسم بالتوازن والانضباط, وتحقق المساواة بين طلبة الجامعة بحسب حاجتهم.
انتهاء الصلاحية
تعوّد طلاب السكن الخريجون في السابق على البقاء في السكن إلى أجل غير مسمى, نظراً لتغاضي الإدارات السابقة عنهم, لكن اليوم تحاول الإدارة الجديدة إخراج الخريجين الذين يتجاوز عددهم نصف الساكنين, الأمر الذي عرّضها للإهانة من قبلهم بل وتطاولهم عليها, ويبرر هؤلاء بقاءهم في السكن, إلى حال استلامهم شهائدهم, التي تخرج من كلياتهم بعد عام من التخرج.
- الأستاذ. زيد الخيواني مشرف مبنى C - أفاد – لـ “الجمهورية” بالقول: “حاولنا إقناع الخريجين بتسليم عهدهم, كون ثمة طلاب بحاجة إلى الغرف أكثر منهم, لكنهم رفضوا ذلك, ووحّدوا صفهم وكلمتهم ضد القانون, - وأضاف - إن ثمة طلاباً يقطنون الغرف الكبيرة منذ عامين, وإلى الآن لم يتم توزيعهم, وهؤلاء أيضاً من ناحية أخرى أثاروا فوضى عارمة في السكن, نتيجة لدخولهم في صدامات مع الخريجين, فبات السكن بسبب ذلك بوتقة صراعات على الغرف, وناشد الخيواني كل خريج بسرعة تسليم عهدته ومراعاته للآخرين, كما طالب أمن الجامعة المتقاعس عن أداء واجبه بالتعاون مع إدارة السكن لحل قضية الخريجين.
 وكانت إدارة السكن قد أكدت لـ “الجمهورية”: أنها قد اتفقت مع الكليات أن تقوم الإدارة بالرفع بأسماء الفوضويين في السكن بشكل عام إلى تلك الكليات, وتقوم الثانية باتخاذ إجراءات صارمة إما بتأخير شهادة الخريجين منهم, أو بتوقيف قيد المستجدين والباقين, أو بالفصل النهائي إن استدعى الأمر ذلك.
وائل العاتي - خريج كلية الآداب - أحد النماذج التي من المفترض أن يُحتذى بها في السكن - ذلك لأنه قام بتسليم عهدته فور تخرجه, وأدخل آخر بديلاً له من الغرفة الكبيرة, ممن هو مسكّن رسمياً, بعد ذلك طلب من الجديد أن يسمح له بالبقاء معه في الغرفة إلى حال استلامه شهادته, وكانت هذه الخطوة إيجابية وفيها مصلحة للطرفين, بعيداً عن إثارة الشغب والفوضى.
حماية شخصية
النظام والانضباط معيار يُراهن عليه الكثير للنجاح, ففي السكن يمنع دخول الطلاب من بعد الـ 11 عشر ليلاً, لكن من الواضح أن الالتزام بذلك لم يعد معمولاً به من قبل الطلاب, علاوة على أن السكن بات مقهىً للمقيل ولوكندة لنوم طلاب من خارج السكن, يأتون عند أقارب لهم هناك, وتقع هنا المسؤولية على عاتق حراسة السكن تجاه ذلك, كونهم المكلفين بالحرص على عدم دخول السكن غير أهله, وكذلك عدم السماح بدخول الخريجين الذين لم يسلموا عهدهم, لكن الفوضى العارمة في البلاد آلت إلى التجاوزات في كافة مرافق الحكومة.
ويقول لـ “الجمهورية” المسؤول الأمني لبوابة السكن الأخ. ميثاق اليريمي: إنهم يبذلون جهداً كبيراً في تحقيق الانضباط, مع مراعاتهم ظروف الطلاب, لكنه أكد أنهم يحتاجون إلى تعزيز أمني من رئاسة الجامعة, فأحياناً - على حد وصفه - يأتي غرباء ويحاولون دخول السكن بالقوة, أو يحاول أحد المسكّنين الدخول بسلاحه الشخصي, ويضيف “نحن أربعة فقط نتناوب فيما بيننا على الحراسة, ونتعرّض للمخاطرة, عندما ندخل في مناوشات مع هؤلاء”،واستطرد في قوله“ لكوننا موظفين أمنيين نتبع الجامعة وليس الداخلية, فليس لدينا أسلحة حماية شخصية, على الأقل تفرض للسكن هيبته, وطالب اليريمي بما ذكره آنفاً, بالإضافة إلى بناء غرفة حراسة لهم جوار بوابة السكن, - كما ناشد - رئاسة الجامعة بسرعة اعتمادها لهم بدلات أمنية مخصّصة للحراسة, وجاكتات شتائية علّها تخفف عنهم وطأة البرد, بالإضافة إلى صرف مستحقاتهم العالقة منذ أكثر من سنة.
الأخلاق أولاً
من المؤكد أن قضايا السكن متشعبة جداً, بدءاً من الإدارة المغلوب على أمرها التي تنتظر مستحقاتها, ومروراً بالطلاب الخريجين وكذلك الراغبين بالتسكين والتوزيع في الغرف, وصولاً إلى هيكل السكن الذي يعاني الإهمال تحت وطأة الشيخوخة, وكل هذا وذاك خلفته مشاكل متراكمة, زادها استفحالاً غياب الأمن والحكومة, ما أدى بذلك إلى تشجيع البعض ولن أقول الأغلبية على تجاوز النظام, ولذا لا بد أولاً من دارسة احتياجات السكن من قبل الجهات المعنية, واعتمادها له ميزانية معقولة, وعلى ذلك تضع إدارة السكن شروطاً معينة للتسكين والقبول, مبنية على تقسيم النسب بين المحافظات على حسب الكثافة الطلابية في الجامعة, مع مراعاة معيار سلوك وأخلاق المتقدم للسكن, فيما اللوائح والأنظمة والنشاطات الداخلية للسكن, تُصاغ في لوحة على بوابة السكن, يتحقق على إثرها مبدأ الثواب والعقاب.
تطبيق كل ذلك مرهون بتوفر الأمن من الجهات المعنية, صحيح أن البلاد تعاني من الانفلات المستدام منذ مدة, لكن أماكن التعليم كدور العبادة؛ تظل مقدسة وبعيدة عن الصراعات, كونها من تنمّي الماضي وتصنع المستقبل, فينبغي من الجميع التعاون والمبادرة في إصلاح حضانة المستقبل, قبل أن تتحول هذه الحضانة ومن فيها إلى سمعة سيئة تتناقل على كل الألسنة, وبكل تأكيد أن سكناً كهذا تخرج منه قيادات كبيرة ومعروفة في الدولة, سيتجاوز محنته كون قاطنوه متعلمين من أبناء جامعة صنعاء.

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
الموضوع
نص التعليق